الجمارك في الإمارات
يمتد عمر الجمارك في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى أكثر من مائة عام، مرت خلالها بعدة مراحل، إلى أن دخلت بدايات التوجه المؤسسي في عهد كل من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "رحمه الله"، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي "رحمه الله".
وقبل الإعلان رسمياً عن إنشاء الهيئة الاتحادية للجمارك بعدة سنوات، تعالت الدعوات التي تطالب بضرورة وجود قانون جمركي موحد، وكيان اتحادي يسهر على تنفيذ ذلك القانون لتحقيق مزيد من الاندماج الاقتصادي بين إمارات الدولة، وتعزيز المالية العامة الاتحادية، وتنفيذ الالتزامات الإقليمية والدولية في مجال الجمارك، إلا أن عام 2002م كان عام الخطوات التنفيذية الفعلية في مسيرة الهيئة الاتحادية للجمارك.
ففي النصف الأول من ذلك العام، وافق مجلس الوزراء على القرارين رقم 617/7 لسنة 2001م و157/12 لسنة 2002م، بتكليف وزارة المالية والصناعة، "آنذاك"، بالتعاقد مع أحد المكاتب العالمية لإعداد الدارسة الاستشارية الخاصة بإنشاء الهيئة الاتحادية للجمارك، وتفويض وزارة المالية بمتابعة تنفيذ الإجراءات والتدابير اللازمة لذلك.
وفي شهر مايو من نفس العام، أعلن وزير المالية والصناعة، عقب اجتماع مع مديري الجمارك المحلية، أن الاجتماع استعرض دراسة المكتب الاستشاري حول إنشاء الهيئة الاتحادية للجمارك والخطوات اللازمة لتنفيذ التزامات الدولة في إطار الاتحاد الجمركي الخليجي، وخلص الاجتماع في ضوء دراسة المكتب الاستشاري إلى التوصية بالإسراع في إعداد مشروع قانون اتحادي بإنشاء الهيئة، وتفعيل عملها لتتولى تنفيذ التزامات الدولة تجاه الاتحاد الجمركي الخليجي، فضلاً عن ضمان تنفيذ موحد للإجراءات الجمركية، وتوحيد الأنظمة والنماذج والبرامج الالكترونية في مجال الجمارك على مستوى الدولة، وتدريب الكوادر الجمركية لرفع كفاءة العاملين بالقطاع.
وتسارعت الخطى بعد ذلك في مسيرة خروج الهيئة للنور، ففي 28 مايو من عام 2002م، قررت اللجنة الوزارية لشؤون مجلس التعاون الخليجي برئاسة سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي وزير المالية والصناعة رئيس اللجنة، تكليف وزارة المالية والصناعة بالبدء في إجراءات إعداد مشروع قانون تأسيس الهيئة الاتحادية للجمارك، وإعداد القانون الجمركي الموحد للدولة، وأكدت اللجنة حينئذ أهمية الاستعجال في تنفيذ تلك الإجراءات حتى يتسنى للهيئة الجديدة القيام بمهامها المطلوبة في الوقت المناسب.
ومارست وزارة المالية والصناعة "آنذاك" جهودها الحثيثة بناءً على تكليف اللجنة الوزارية لإنجاز مشروع قانون الهيئة الاتحادية للجمارك في أسرع وقت ممكن، وأثمرت تلك الجهود مشروع قانون إنشاء الهيئة رقم (1) لسنة 2003م، وتم عرضه على اللجنة الوزارية المختصة، ثم مجلس الوزراء، ثم المجلس الأعلى لاتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، لتتوج تلك الجهود في 8 يناير 2003م، بصدور المرسوم الاتحادي بالقانون رقم (1) لسنة 2003م من سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة في ذلك الوقت بشأن إنشاء الهيئة الاتحادية للجمارك.
وتتولى الهيئة الاتحادية للجمارك في دولة الإمارات رسم السياسات الجمركية ومراقبة تنفيذ القوانين والتشريعات المرتبطة بالعمل الجمركي، وتمثيل الدولة في الداخل والخارج، بينما تقوم الإدارات الجمركية المحلية بإمارات الدولة المختلفة بالعمل التنفيذي في المنافذ الجمركية ورسم السياسة الجمركية لكل إمارة بما لا يتعارض مع القانون الموحد للجمارك في الدولة.